فصل: قال الأخفش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة الحجر:
{آيات الكتاب وقرآن مبين} [1]. جمع بين الكتاب والقرآن، لأنهما وصفان مختلفان معنى، وإن كان الموصوف واحدًا. {لو ما تأتينا} [7]. أي: لولا، وقيل: هلا. {شيع الأولين} [10]. فرق الأولين. {كذلك نسلكه} [12]. ندخله، أي: التكذيب والاستهزاء عن قتادة.
والذكر: القرآن، وإن لم يؤمنوا به عن الحسن. {سكرت أبصارنا} [15]. سدت من سكر البثق. {من كل شيء موزون} [19]. مقدر: أي: بمقدار لا ينقص عن الحاجة، ولا يزيد زيادة تخرج عن الفائدة، وذهب ابن بحر: أن المراد هو الأشياء الموزونة. ثم قال: إنما ذكرها دون المكيلة، لأن غاية المكيل ينتهي إلى الوزن.
والصحيح: هو القول الأول، ونظائره في كلامهم كثيرة. قال ذو الرمة:
لها بشر مثل الحرير ومنطق ** رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر

أي: قليل.
وقال مالك الفزاري:
وحديث ألذه هو مما ** ينعت الناعتون يوزن وزنا

منطق صائب ويلحن أحيانا وخير الكلام ما كان لحنا. أي: كناية، لا أنه أراد ما هو ضد الصواب، كقوله: {ولتعرفنهم في لحن القول}.
وكما قيل:
ولقد وحيت لكم لكيما تفطنوا ** ولحنت لحنًا ليس بـالمرتاب

{وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين} [20]، ولمن لستم له برازقين من سائر الحيوانات ناطقها وعجمها، وقيل: إنه من علينا بالخول، كما من بالمعاش.
أي: كما جعلنا لكم فيها معايش، جعلنا لكم خولًا من الخدم، والدواب، فإنا جعلناها لكم، ولم نجعل رزقها عليكم. فـ {من} على هذا القول منصوب، وعلى القول الأول مجرور، والمعايش: ما يتعيش به الإنسان من المطاعم والمشارب والملابس. قال جرير:
تكلفني معيشة آل زيد ** ومن لي بالمرقق والصناب

وقالت لا تضم كضم زيد ** وما ضمي ليس معي شباب

{لواقح [22]}. بمعنى ملاقح، على تقدير ذوات لقاح.
والرياح، لاسيما الصبا والجنوب ملقحة السحاب، كالفحل للناقة، وقيل: الصبا تثير وتلقح، والجنوب: تدر، والشمال: تمنع، والدبور: تقشع، وقد جاء كل ذلك في أشعار العرب/، قال الهذلي:
فسائل سبرة الشجعي عنا ** غداة تخالنا نجوًا جنيبا

وقال الأعشى:
وما عنده فضل تليد ولا له ** من الريح فضل لا الجنوب ولا الصبا.

وقال الهذبي في الشمال:
هل هاجك الليل كليل على ** أسماء من ذي صبر مخيل

حار وعقت مزنه الريح وانقـ ** ـار به العرض ولم يشمل

وقال آخر في الدبور:
يا عارضًا قد أورد البحر ذوده ** فلما تروت سار شوفًا إلى نجد

سما نحوه ملك الدبور بجنده فممزقه دون الإرادة والود. {فأسقيناكموه [22]}. يقال: سقاه وإذا دعا له بالسقيا أيضًا. {المستقدمين [24]}. الذين كانوا وماتوا.
وقيل: أراد المستقدمين في الخير، و{المستئخرين} عنه، والصلصال: الطين اليابس، الذي يصل بالنقر كالفخار، والحمأ: جمع حمأة، وهو الطين المسود، والمسنون: المتغير، وقيل: المصبوب، وقيل: المصور، من سنة الوجه وصورته. {والجان[27]}. أبو الجن.
{خلقناه من قبل من نار السموم [27]}. نار السموم: نار تناهى في الغليان، وهي بالإضافة إلى النار التي جعلها الله متاعًا لنا، كالجمد إلى الماء، والحجر إلى التراب، وكان خلق الجان من تلك الأجزاء النارية المطيفة في أفق الهواء بكثرة الغليان، وإذا جاز خلق الحي العاقل من الأجزاء الأرضية العالية عليه، فمن لطافة الأجزاء النارية أجوز، فبطل مطعن الملحدة: أن خلق الحيوان كيف يكون من النار، وعلى أن الخلق ليس على وزن واحد، ألا ترى إلى الظليم الذي يلتقم الجمر المضطرم، ثم يميعه ويذيبه بحر قانصته، حتى يصير كالماء الجاري فيغذوه، ويقيمه. {بقطع من الليل [65]}. بظلمة، وقيل: بآخر الليل.
{واتبع أدبارهم [65]}. مر خلفهم. {دابر هؤلاء [66]}. أصلهم، وقيل: آخرهم. {مشرقين [73]}. داخلين في وقت الإشراق، وهو إضاءة الشمس، والشروق: طلوعها، كما فصله بعضهم-وليس بشاهد ولكنه لحفظ الفرق-:- عيني عليها-أو أراك- غشاوة فكأن شمسي من جبينك تشرق- ويلحظ عينك عن لقاء نبوة فكأن شمسك من جبيني تشرق.
{وإنها لبسبيل مقيم [76]}. أي: بطريق واضح، كقوله: {لبإمام مبين} و{أصبحت الأيكة [78]}. قوم شعيب، فإنه بعث إلى أصحاب الأيكة، وإلى أهل مدين، فأهلك الله مدين بالصيحة، والأيكة بالظلة، فاحترقوا بنارها، والحجر ديار ثمود. {فاصفح الصفح الجميل} [85]. يعني الإعراض من غير احتفال، كأنه تولية صفحة الوجه. {سبعًا من المثاني} [87]. يعني الفاتحة، لأنها سبع آيات، وثنيت في الإنزال، وتثنى قراءتها في كل صلاة، والذكر فيها مثنى مقسوم بين الرب والعبد، وقيل: المثاني: القرآن، لأن الأنباء والقصص ثنيت فيها فتكون الواو على هذا مقحمة، كأنه: سبعًا من المثاني القرآن العظيم، وسبعًا من قوله عليه السلام: «أنزل القرآن على سبعة أحرف». {أزواجًا منهم} [88]. أصنافًا وأشكالًا. {المقتسمين [90]}. كفار قريش، اقتسموا طرقات مكة، فإذا مر بهم مار إلى النبي عليه السلام، قال بعضهم: هو ساحر، وقال بعضهم: شاعر، وآخر: مجنون، وآخر: كاهن.
وكانوا مقتسمين: إما على اقتسام طرق مكة، وإما على اقتسام القول في رسول الله، وقيل: المقتسمين: قوم تقاسموا أو تحالفوا على أن لا يؤمنوا برسول الله. {الذين جعلوا القرآن عضين [91]}. هذا يؤكد أن المراد بالمقتسمين، اقتسام القول، أي: جعلوا القرآن فرقًا من شعر وسحر وكهانة، وأساطير، كأنهم عضوه، كما يعضى الجزورٍ، قال رؤبة:
نشذب من خندف حتى ترضى ** وليس دين الله بالمعضى

وأصل هذه الكلمة من عضة منقوصة، وكانت عضوة كعزة وعزين، وبرة وبرين، ولهذا قال: تجمع على عضوات.
والتوفيق بين قوله تعالى: {لنسئلنهم أجمعين [92]}، وقوله: {لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان}، ما قاله ابن عباس: إنه لا يسأل هل أذنبتم؟ لعلمه بذلك، ولكن لم أذنبتم؟، وذكر عكرمة: أن المواقف مختلفة يسأل في بعضها، أو يسأل في بعض اليوم، ولا يسأل في بعضه، كقوله: {هذا يوم لا ينطقون}، ثم قال: {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون}، إلا أن جميع أوقات اليوم ومواقفه. داخل تحت اللفظ، لاسيما عندنا، فإن العموم لا يقتضي الخصوص، وكذلك إذا ورد خاص عندنا في حادثة بعد عام، لا يكون ذلك بيانًا، ولكن نسخًا، والنسخ في الأحكام لا في الأخبار، فأولى أن المراد: هو النطق المسموع المقبول، الذي تقوم به حجة، وتظهر معذرة، فإذا لم يكن عندهم ذلك، كأن لم ينطقوا، ولا يسألوا على مجاز قول الدارمي:
أعمى إذا ما جارتي خرجت ** حتى يواري جارتي الخدر

ويصم عما كان بينهما ** أذني وما بي غيره وقر

وقول حاتم:
بعيني عن عوراء جاري نبوة ** وبالأذن عما لا يلائمني وقر.

وقال آخر:
وقد طال كتمانيك حتى كأنني ** برد جواب السائلي عنك أعجم

والأول أولى {فاصدع بما تؤمر [94]}. احكم بأمرنا، وقيل: افرق بين الحق والباطل، كقول الهذلي:
فكأنهن ربابة وكأنه ** يسر يفيض على القداح ويصدع

{واعبد ربك حتى يأتيك اليقين [99]}. أي: النصر الموعود، وقيل: الموت الذي هو موقن به.
تمت سورة الحجر. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة الحجر:
{رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ}
قال {رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ} وأدخل مع رُبَّ {ما} ليتكلم بالفعل بعدها، وان شئت جعلت {ما} بمنزلة شَيْءٍ فكأنك قلت: {وَرُبَّ شَيْءٍ}. يَوَدُّ أي: {رُبَّ وُدٍّ يَوَدُّهُ الذينَ كَفَرُوا}. {إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ} وقال {إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ} استثناء خارج كما قال ما أَشْتَكِي إِلاَّ خَيْرًا يريد أَذْكُرُ خَيْرًا. {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} وقال: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} فجعلها على لاقِح كأن الرياح لَقِحَتْ لأَن فيها خيرا فقد لَقِحَت بخير، وقال بعضهم الرِّياحُ تُلْقِْحُ السَّحابَ فقد يدل على ذلك المعنى لانها اذا أنشأته وفيها خير وصل ذلك إليه.
{قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} وقال {رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي} يقول: بإِغوائِكَ إِيّايَ {لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ} على القسم كما تقول: بِاللهِ لأَفْعَلَنَّ.
{قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} وقال {هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} يقول: عَلَيَّ دِلاَلَتُه. نحو قول العرب عَلَيَّ الطريقُ الليلة أي: عليّ دِلاَلَتُه.
{لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ} وقال {لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ} لأنَّه من جَزَّأْتُهُ و{مِنْهُمْ} يعني: من الناس.
{قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} وقال {قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ} لانه من وَجِلَ يَوْجَلُ، وما كان على فَعِل فـ هو يَفْعَلُ تظهر فيه الواو ولا تذهب كما تذهب من يَزِنُ لأَنَّ وَزَنَ فَعَلَ وأَمّا بنو تميم فيقولون تِيْجَلُ لأَنَّهم يقولون في فَعِلَ تِفْعَل فيكسرون التاء في تَفْعَل والألف من أفْعَلُ والنون من تْفَعلُ ولا يكسرون الياء لأنّ الكسر من الياء فاستثقلوا اجتماع ذلك، وقد كسروا الياء في باب وَجِلَ لأن الواو قد تحولت إلى الياء مع التاء والنون والالف. فلو فتحوها استنكروا الواو ولو فتحوا الياء لجاءت الواو، فكسروا الياء فقالوا يِيجَلُ ليكون الذي بعدها. ياء إذ.
كانت الياء أخَف مع الياء من الواو مع الياء لانه يفر إلى الياء من الواو ولا يفر إلى الواو من الياء. قال بعضهم يَيْجَلُ فقلبها ياء وترك التي قبلها مفتوحة كراهة اجتماع السكرة والياءين.
{قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ} وقال {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ} لانها من قَنَطَ يَقْنِطُ وقال بعضهم {يَقْنُطُ} مثل يَقْتُل ويقنَطَ مثل عَلِمَ يَعْلَمُ.
{قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ}
وقال {إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} [58]. {إِلاَّ آلَ لُوطٍ} استثناء من المجرمين أي: لا يدخلون في الاجرام.
{وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ}
وقال {وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ} لأن قوله: {أَنَّ دَابِرَ} بدل من {الامر}.
{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} وقال {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي} و{لَعَمْرُكَ}- والله اعلم- ووَعَيْشِكَ انما يريد به العُمْر، والعُمْرُ والعَمْرُ لغتان.
{الَّذِينَ جَعَلُواْ الْقُرْآنَ عِضِينَ} وقال {عِضِين} وهو من الأَعْضاء وواحِدُهُ العِضَةُ مثل العِزِينَ واحده العِزَةُ. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة الحجر مكية كلها.
{إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ} أي أجل مؤقت.
{لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ} أي هلا تأتينا بالملائكة. ولولا مثلها أيضا: إذا لم يكن يحتاج إلى جواب، وقد ذكرناها في المشكل.
{فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ أي أصحابهم}
{لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} أي تقدمت سيرة الأولين في تكذيب الأنبياء.
{فِيهِ يَعْرُجُونَ} أي يصعدون. يقال: عرج إلى السماء، أي صعد، ومنه تقول العامة: عرج بروح فلان، والمعارج: الدّرج.
{سُكِّرَتْ أَبْصارُنا}: غشيت، ومنه يقال: سكر النهر، إذا سدّ، والسّكر: اسم ما سكرت به، وسكر الشّراب منه، إنما هو الغطاء على العقل والعين. وقرأ الحسن: سكرت- بالتخفيف- وقال: سحرت، والعامة تقول في مثل هذا: فلان يأخذ بالعين.